.comment-link {margin-left:.6em;}
Tuesday, July 04, 2006
الـ"بدون" في الكويت، والبحث عن الهوية
الـ"بدون" في الكويت، والبحث عن الهوية
أحمد دياب بي بي سي - الكويت
‏ ‏"نعم أعرف بي بي سي، ولكنها لا تعنيني. كل ما يهمني ‏هو قوت يومي فقط!."‏
قدنا السيارة في طريق طويلة، أخذتنا 30 او ربما 40 كيلو ‏مترا إلى الغرب من مدينة الكويت.‏ واخيرا وصلنا، إنها مدينة الجهراء، وهذا حي "النعيم".‏
النعيم، يبدو لي اسما على مسمى. بيوت أنيقة وجميلة، ‏تصطف أمامها سيارات حديثة فارهة.‏
شوارع نظيفة منظمة، وجيدة الاضاءة ليلا، التخضير في ‏كل مكان، جهد رائع يبذل لهذا الغرض في هذه البلاد ‏الصحراوية الطابع.‏ لن تصدق
استكملنا سيرنا إلى حي آخر قريب، إنها "الشعبيات".‏
القبح والجمال يتلاقيان وجها لوجه، أو بالأحرى يفصل ‏بينهما شارع.‏
في الشعبيات، لن تصدق أنك في الكويت.
‏ طرقنا باب أحد المنازل، بيت شعبي قديم لم تطله يد ‏الصيانة منذ زمن، في شارع ملأته الحفر، والقطط الضالة. ‏
‏"أهلا وسهلا حياكم الله،" استقبلنا رجل قارب الستين من ‏عمره، يرتدي ثوبا كويتيا، ويلبس غترة (غطاء رأس) ‏بيضاء ثبتها بـ"عقال" أسود غليظ.‏
حدثنا أبوطلال، وهو مدرس سابق تخرج في جامعة ‏الكويت، عن الشعبيات.‏ ‏ من هم؟‏
هنا تقيم أكثرية من "البدون"، كما يقيمون في أحياء مماثلة ‏تقع في مناطق أخرى من الكويت، مثل "الصليبية".‏
والبدون، لمن لا يعرف، آلاف من الرجال والنساء من ‏أصول ومذاهب متباينة يعيشون في الكويت منذ ما يقارب ‏نصف قرن، ويقولون إنهم كويتيون، ولكن السلطات لا ‏تعترف بهذا وترفض منحهم حق المواطنة.
يقول ابو طلال إن عشرات الآلاف من البدون مثله، ‏يعانون من إهدار الدولة لكرامتهم، ومن إهمالها لأبسط ‏حقوقهم، ويضيف "ليس هذا سرا، بل هو متداول ‏ومعروف منذ زمن، وهو جزء من حياتنا اليومية."‏
ويقول البدون أنهم محرومون من تلقي العلاج والتعليم ‏على نفقة الدولة، وهم يعتبرون هذا حقا حرمهم منه عدم ‏احتفاظهم بالجنسية الكويتية.‏
وتفرض وزارة الصحة الكويتية على غير الكويتيين ‏المقيمين في البلاد، ومنهم البدون بالطبع، شراء وثائق ‏للتأمين الصحي، غير ان ذلك لا يعفيهم من دفع رسوم عند ‏مراجعتهم مرافقها الصحية.‏
ولا يحق للبدون أيضا، كما يقول، إستصدار رخص القيادة.‏
‏ ‏ ويتساءل "وماذا أفعل إذا احتاجت زوجتي أو احد أولادي ‏لرعاية طبية خلال الليل، هل أتركهم يموتون؟!"‏
ولا يعد اقتناء سيارة خاصة ترفا في الكويت.‏ لا توثيق
ويضيف الرجل أن الحكومة توقفت عن إصدار شهادات ‏ميلاد له ولأولاده، بل وتمنع إصدار شهادات وفاة إذا ما ‏مات احدهم، وتصدر بدلا من ذلك ما يسمى ببلاغات ‏الولادة أو الوفاة.‏
وتمتنع الدولة ايضا عن توظيف البدون في الجهات ‏الحكومية، او توثيق عقود الزواج بينهم، بل إن المحاكم ‏الكويتية لا تعترف بشهادتهم حسب تعبيره.‏
‏ويشاركه الرأي أبو عبد الرحمن، وهو رجل في ‏الأربعينيات يحمل شهادة جامعية في الرياضيات. ‏
ويقول إن زملاءه الذين تخرجوا معه من الكويتيين يحتلون ‏الآن مناصب كبرى، حرم منها لأنه لا يحمل الجنسية.‏
وعمل الرجل معلما في وزارة التربية الكويتية حتى طرد ‏منها عام 1991 بقرار من مجلس الوزراء.‏
وقال إنه يعيش الآن على الكفاف ويتلقى معونات من ‏جهات خيرية وان جل تفكيره ينصب على تحصيل قوته ‏يوما بيوم.، بل يقول إن الحكومة تفعل ذلك عمدا للضغط عليهم ‏لمغادرة الكويت، أو تعديل اوضاعهم.‏
وقال بمرارة "هم ذهبوا أمس للتصويت، وبقينا في بيوتنا، ‏لا نملك الحق في اختيار من يتحدث عن همومنا،" في ‏إشارة للانتخابات البرلمانية الكويتية التي جرت الاسبوع ‏الماضي.

ورفض الرجلان الافصاح عن اسميهما أو تصويرهما، ‏خوفا حسب قولهما-من قسوة أجهزة الأمن.‏
وتقل أعداد البدون في الكويت عن 100 ألف شخص.‏
وتخشى الحكومة الكويتية أن من بينهم من يحمل جنسية بلد ‏آخر لكنه يخفيها طمعا في الحصول على المميزات التي ‏يتمتع بها المواطن الكويتي.‏
وعينت الدولة لجنة خاصة للتعامل مع شؤون البدون، يرى ‏كثير منهم انها تحط من كرامتهم وتنتهك حقوقهم الانسانية.‏ ‏ مرسوم أميري ‏
وكان أمير الكويت الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد ‏الجابر الصباح قد أصدر مرسوما عام 1999 يقضي بمنح ‏الجنسية لـ2000 من البدون سنويا، لكن البرلمان رفض ‏المرسوم.‏
وترى الحكومة أن من بين البدون من يستحقون الحصول على ‏الجنسية، وهم من كان تم احصائهم ضمن سكان الكويت ‏عام 1965. لكنها تقول إن قيودا أمنية تحول دون منح ‏كثير منهم حق المواطنة. كما أنها لا تخفي تشكيكها في ‏انتماء بعضهم وولاءه للكويت.‏ الأوراق الأصلية
ومن الكويتيين من يرى ان فئة قليلة جدا من البدون ‏تعاني من بعض الظلم، مثلما يقول سعد العجمي، الذي ‏يشغل منصبا في مؤسسة صحفية كويتية مرموقة، ويؤكد ‏أن الضغط الحكومي نجح في دفع العديد ممن كانوا يسمون ‏أنفسهم بالبدون لإظهار أوراقهم الأصلية التي تثبت انتمائهم ‏لبلدان أخرى مجاورة.‏
‏ ويضيف العجمي ان هذا الموضوع الانساني قد استغل ‏لتحقيق مآرب شخصية. ‏
ويقول الصحفي الكويتي، نجم الشمري، وهو باحث في ‏شؤون البدون ومدافع متحمس عن حقوقهم ، إنه يجب ‏على الكويت أن تستفيد من وجود هؤلاء في دفع جهودها ‏للتنمية، لا سيما أن البلاد يقطنها مايزيد عن المليون ‏ونصف المليون موظف وعامل من جنسيات مختلفة، لكنه ‏يخشى عدم جدية الحكومة في إيجاد حل ينهي معاناة ‏هؤلاء.‏
ويرى كذلك أن المشكلة تزداد تعقيدا بمرور الوقت وان ‏البرلمانات المتعاقبة قد أسهمت بإهمالها تعقب المشكلة في ‏تعقيدها.
ويطالب الشمري الحكومة بتقديم إثبات لمن تعتبرهم رعايا ‏دول أجنبية، أو بإحالتهم للمحكمة.
‏ ورقة الضغط
‏ وينبه ان هذا الملف قد يتم إثارته كورقة ضغط مستقبلا إذا ‏ما تغيرت الظروف الدولية أو الحسابات السياسية المحيطة ‏بالكويت.‏
‏من جانبه أوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت ‏الدكتور غانم النجار ان معاناة البدون الحقيقية بدأت في ‏منتصف ثمانينات القرن الماضي مع تطورات الحرب ‏العراقية الإيرانية وزادت بعد الغزو العراقي للكويت عام ‏‏1990.‏
ولازمت الكويتيين الظنون بأن كثيرا ممن يسمون بالبدون ‏قد تعاونوا مع قوات الاحتلال.‏ ويدعم ظنونهم رحيل آلاف منهم مع انسحاب القوات ‏العراقية عام 1991 من البلاد.‏
و تكمن المشكلة، كما يقول النجار، في نظرة الحكومة ‏الأمنية-السياسية للموضوع وربطها حل القضية بالتجنيس.‏
وكان وزير الداخلية الكويتي الشيخ جابر المبارك الصباح ‏قد وعد في أواخر مارس/ آذار الماضي "بحل قريب ‏لمشكلة غير محددي الجنسية". ‏
وأكد في تصريح نشرته الصحافة المحلية عزم القيادة ‏السياسية للبلاد على المضي قدما في العمل على تسوية ‏المسألة.‏
ويصعب ان تتفق الآراء حول نظرة واحدة لتلك القضية، ‏ولكن يصعب ايضا أن يختلف اثنان على ان السكوت عنها ‏لا يصب في مصلحة الكويت. ‏
موضوع من BBCArabic.com
 
posted by Fuzzy at 7:12 PM | Permalink |


0 Comments: